التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يا ليت قلوبنا الطفولية تبقى كما هي...​




يا ليت قلوبنا الطفولية تبقى كما هي...

من القلب:

رأيت كثيراً في الأونة الأخيرة من يسخر ممن خُلق أبيض القلب كالأطفال و طيب المعشر.
يسخر ممن خُلق ليناً تأنس روحك لقاءه و عنده لا تخاف أن تُفهم بعكس ما تقصد معه أو يسيء لك.
لقد عهد على نفسه يعيش يومه بكل تفاصيله من مساؤى و محاسن و أن لا يرف جفنه لمجرد هموم أو أحزان عابره، و هذا سلاحه الخفي حيث همّ بالنوم وضع جميع ما مرّ في يومه موضع نومه و هو كذلك فعلاً فهو يُصبح و قد جدّد روحه و نهض مبتسماً و متفائلاً لا يحمل في قلبه مثقال حبة خردل من حزن فهو قد عالج كل أمراض قلبه و التمس عذراً لكل عباد الله.
لقد امتلك قلباً كمثل الماء الجاري لا يستطيع أن يكدر صفوه و نقاءه شيء.

قصة:

لنا في النبي و أصحابه قدوة حسنة و من أجمل القصص ما روي عن فِعل عبدالله بن سلام -رضي الله عنه- و سلامة قلبه و هو الذي أخبر النبي -صلى الله عليه و سلّم- أنه من أهل الجنة ثلاثاً أمام أصحابه ، دهشة الصحابة كانت سبب إجتهادهم لمعرفة عمله الصالح الذي خَفي عنهم ، وُجد أنه كان لا يغفو جفنه إلا و قد عفا و صفح و سامح كل عباد الله و لا يجد في قلبه غلّاً و لا حسد.

خاطرة:

هذه الأيام المحزن المبكي ظن البعض غباءاً و جهلاً أن في إعتناق السوداوية و الكدر و الغلظة و معاشرة الأخرين بالسيء من القول و الفعل و تداول أمراض القلب هو واقع لا بد منه.
و الأمر الجلل هو الإعتقاد أن كل ذلك سبيل لإثبات وجود شخصية عميقة أو قوية أو غامضة.
هذا بالإضافة إلى العيش على وهم أنه لا يكاد أن يُخلق مثله على البسيطة و هو بالعكس قد يغفل عن أن البشاشة و التبسّم و لين الجانب و حسن الخلق و المعاشرة بالمعروف هي من أقل ما صُنف أنه المعروف بحق الأخرين.​​​
ليت قومي يعقلون أن سلامة القلب و نقاءه هي أول الخطوات التي تيّسر للإنسان طريقه للعيش بسلام داخلي.
السلام الداخلي الذي يعكس خُلقيا علي الإنسان و يُرى على مظهره و تصرفاته و تعامله.
يا حبذا لو نسدد و نقارب و نصل منزلة عبدالله بن سلام -رضي الله عنه- و هو الصحابي الذي فاز بالجنة لفعله البسيط ظاهرياً المستحيل فعلياً على كثير.
سلامة القلب ليست يسيرة و لأنها كذلك جُعلت الجنة مقابلاً لها و لكنها ليست مستحيلة.

ختام:

سلامة القلب مهمة جداً لأنها تنعكس على صاحبها بدناً و عقلاً.
فمعاشرة الآخرين بالحسنى و الحرص على عدم تحجيمه للهموم و الغموم و كثرة التفكير في السيء و دوام الإبتسامة هي ما يُثبت الأطباء يوماً بعد آخر أنها دواء مجاني لمن أراد دوام عافيته بعد مشيئة الله.
و العكس منها تماماً؛ هو مرض القلب من حمل الضغائن و تحجيم مستصغر الأمور الغير محببة يجعل من الإنسان جسدً منهك بلا عقل أو منطق.
و يُلاحظ تفوق الأطفال في سلامة القلب على من يفوقهم سناً و عقلاً و تلك هي الفطرة و لكن فيما يحصل بعد ذلك تجد أن الإنسان يتغير مع كِبر سنه و تدور سنة الحياة و كُلٍّ يختار سلامة القلب أو خلافها.
صدقاً؛ من يعرف قيمة هذا الفعل ستكون أمنيته يا ليت قلوبنا الطفولية تبقى كما هي..

[سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلّا أنت ، استغفرك و أتوب إليك.]





نايف العيسى
٢٠١٨/مارس/٢٥

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأنا طريق الضَلال..

الأنا طريق الضَلال .. همسة : الأنا تجعلك وحيداً منبوذاً غير مستساغ و تائه تماماً مثل هذه الغيمة المسكينة. واقع: كثرة تكرار الأنا تجعل   من الشخص فرعوناً لا يرى إلا ما يصنع حتى و إن لم يكنّ ذا قدرة ، الأنا تتجلى بها قذارة النفس و خُبث هواها و بها تضيع دفّة التوجيه ليصبح صاحبها نَكرةً و منبوذ من كل من يعرفه . يستحق ذلك لأنه اختار أن ألّا يرى إلا   نفسه . فضفضة : يكبر الإنسان في أعين من يجالس و يُصبح ذا قيمة عندما يتغلب على ذاته و يشارك غيره في ادّق تفاصيل الحياة . و بالمقابل طبعاً يَصغر و يَتفه و يُسفه شأنه إن وقع حبيس نفسه و طغت عليه الأنا . مرض الأنا أصبح داء العصر و درب ضَلال حينما سَلكه ثُلّة من الغافلين . فالحقيقة أنه ليس عيباً أو نقصاً أن تعترف لغيرك   بتفوقه   و تقدمه عليك . ليس من العقل أن تكون أنت بطل العرض و نجم التذاكر و محبوب العالمين لمجرد أن نفسك اوهمتك ذلك . النفس تهوى الغرور و تحب دهاليزه و مس...

لو أن لي كرّه!! 💔

لو أن لي كرّه!! 💔 واقع: تأكد أن الندم و الحسرة في هذه الحياة الفانية ستزور قلبك ملايين المرات و لأسباب مختلفة شئت أمْ أبيت. قِصة و موقف: تأثرت حقاً عند سماع حسرة أب كسير مُثقل بالدموع عن فقد إبنه الذي لم يخبره بما يُحسّ حقاً تِجاه ما يفعله. كيف ذلك؟ دعني أسرد لك تفاصيل هذا الموقف بإيجاز شديد. بينما كان يعمل الأب في السِلك العسكري رأي ما يُرى من كَبد و جَلد فتمنى لـ إبنه أن يكون من طلبة العلم و مرتادي الجامعات لا أن يسلك طريقه و يمر بنفس ما مر به. تمر الأيام و يتقاعد الأب و يتفاجأ برغبة إبنه التي كانت تأخذه لطريق أباه بمواصلة الذود عن أراضي وطننا الغالي ؛ كان الأب يُظهر لإبنه عدم تقبله بقراره هذا. ذهب الإبن و مرت الأيام و كُلُّف في مهمة كانت من أطهر ما يفعل إنسان في حياته ؛ كان قد اختير للذهاب لجنوب المملكة لخوض الحرب في سبيل أمان الحرمين الشريفين و عامة المسلمين في هذا البلد الأمين بإذن الله. بعد فترة ليست بالبعيدة يصادف أن يستشهد الإبن و ينال ما سعى إليه من عز و شرف و منزلة في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" ؛ و هاهنا وُضع خط اللاعودة بين الأب...