التخطي إلى المحتوى الرئيسي

متلازمة أرق...

متلازمة أرق...

واقع:

يا صاح أنا مكلوم و اتعبني العنا *** وزهرة شبابي اليافعه دمّرها الأرق
ابتشكي من واقعي اللّي رسم *** فيني ملامح باهته وعمري انسرق
ماذقت نوم الليل ولا ذقت الهنا *** ولا قدرت ابوح الّا عالورق

الأرق في طبيعة حدوْثه من فترة لأخرى قد لا يكون مشكلة و لكن قصتي مع الأرق هي صدقاً معاناة استمرت فصولها سنين و كانت تتطور دون معرفه منّي لمصدرها و بلغت ذروتها هذه الأيام حتى أنّي كتبتها شِعراً قبل أن اتشجّع لكتابة كافة فصولها هنا.
فالشعور باليقضّة حتى بعد مرور يوم أو أكثر و إضطرابات النوم و صعوبته و قلّة جودته هي مشكلة كنت اعتدْت وجودها وتعايشت معها إلى أن تطوّرت هذه المنغّصات التي تسرق نومي ، و ما يزيد المشكلة هنا أنّي ما زلت أجهل هذا التطور السلبي للأسوأ لدرجة أن إستعمالي للمنومات لم يعْد يُفيد و أصبحت جُلّ جهودي بلا جدوى.

نثر أفكار:

في بداية فصوله الأرق لم يكنْ مشكلة و مع ذلك كنت دوماً أحاول أن أتفادى أكواب القهوة - و بطبيعتي لا أحب كثرة شرب القهوة - و أيضاً كنت أتجنّب التفكير بأي شيء قد يكون له تبعات تقّض نومي و ضجعي فأنا لست بالشخص الذي يجعل من أحداث يومه شيئاً يشغل تفكيره و أكثر من ذلك أن أعيش و لله الحمد حياة مستقرة.
أقول ذلك لكي لا يتبادر إلى ذهنك خلال قرائتك للجزء السابق أن الحياة التي أعيشها يملأها الكدر أو الحزن أو التفكير الكثير و لكي لا تقول في نفسك أن هذا الشخص يعاني من حادثة أو ذكرى تؤرقه و لكي لا تستمر بنثر أفكارك حتى تبرر وجود الأرق بشرب المنبهات من قهوة و شاي و ما إلى ذلك.
و لكن التغيّر بدأت ألاحظه عندما فكّرت في وأده و كأنّه يقول أنا عدّوك الذي لن تجد لنفسك عليه إنتصار.
أصبحت أذهب للسرير و أنا لا أعلم إن كنت سأنام حقاً أو لا؛ فالأرق أصبحت كالمتلازمة أعلم أنه هناك ينتظرني و لا أعلم أعراضه؛ نعم! أذهب للسرير و أنا أعلم أن الأرق يتسلسل إلى جسدي و يسيطر عليّ و لا أجد ما أقاتله به، فعقاقير الأطباء المنومة أصبحت مثل الحلوى.
و يكمل الأرق بقيّة فصوله فيجعلني أسيراً لدجى الليل و يستمر في غيّه و طغيانه فيحرمني من النوم إلى أن يقرر أن يوقف اللهو في جسدي و يذهب واعداً بعوده تجعلني اندهش و انسى ما فعله من قبل.
فعلاً أكاد لا أجد تفسير لحالتي عند قراءة فلسفات الأطباء و هو ما يتعذر أيضاً وجوده في هرطقات بعض الكتّاب عن هذا المدعو الأرق.
هو معاناة كما وصفت سابقاً و يحق لي أن أصفه بالقاتل المأجر لكل محاولاتي في النوم.
الأرق مع إكتمال فصوله أصبح يعكر صفو الحياة و يتسبب لي ببعض المشاكل فمن لا يعلم كمية الجُهد المبذول منّي لقتال هذا الأرق لن يُقدّره و لن يفهم بعض تقصيري في جنبه.

خاتمة:

تعلمت خلال قرائتي أن الأرق قد يكون مزمناً و قاتلاً في بعض الحالات كما قال الأطباء ، لذلك تشجعّت أن أكتب فصوله قبل أن يكتب نهاية لفصول حياتي.
مع كل هذا الإرق ما زلت اتمتّع بحياة هادئة و لا أبدي إمتعاضي إلّا للمقربين إلى قرائتك لهذا النص، أنا ما زلت ذلك الشخص الذي يحارب ليهنأ نومه.
نعم! أمسيت أعلم في قرارة نفسي أن ما أمر به قد يزول و لكن هي الأن ما أحببت أن اُسميه متلازمة أرق...


[سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلّا أنت ، استغفرك و أتوب إليك.]



نايف العيسى
٢٠١٧/نوفمبر/١٩

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأنا طريق الضَلال..

الأنا طريق الضَلال .. همسة : الأنا تجعلك وحيداً منبوذاً غير مستساغ و تائه تماماً مثل هذه الغيمة المسكينة. واقع: كثرة تكرار الأنا تجعل   من الشخص فرعوناً لا يرى إلا ما يصنع حتى و إن لم يكنّ ذا قدرة ، الأنا تتجلى بها قذارة النفس و خُبث هواها و بها تضيع دفّة التوجيه ليصبح صاحبها نَكرةً و منبوذ من كل من يعرفه . يستحق ذلك لأنه اختار أن ألّا يرى إلا   نفسه . فضفضة : يكبر الإنسان في أعين من يجالس و يُصبح ذا قيمة عندما يتغلب على ذاته و يشارك غيره في ادّق تفاصيل الحياة . و بالمقابل طبعاً يَصغر و يَتفه و يُسفه شأنه إن وقع حبيس نفسه و طغت عليه الأنا . مرض الأنا أصبح داء العصر و درب ضَلال حينما سَلكه ثُلّة من الغافلين . فالحقيقة أنه ليس عيباً أو نقصاً أن تعترف لغيرك   بتفوقه   و تقدمه عليك . ليس من العقل أن تكون أنت بطل العرض و نجم التذاكر و محبوب العالمين لمجرد أن نفسك اوهمتك ذلك . النفس تهوى الغرور و تحب دهاليزه و مس...

لو أن لي كرّه!! 💔

لو أن لي كرّه!! 💔 واقع: تأكد أن الندم و الحسرة في هذه الحياة الفانية ستزور قلبك ملايين المرات و لأسباب مختلفة شئت أمْ أبيت. قِصة و موقف: تأثرت حقاً عند سماع حسرة أب كسير مُثقل بالدموع عن فقد إبنه الذي لم يخبره بما يُحسّ حقاً تِجاه ما يفعله. كيف ذلك؟ دعني أسرد لك تفاصيل هذا الموقف بإيجاز شديد. بينما كان يعمل الأب في السِلك العسكري رأي ما يُرى من كَبد و جَلد فتمنى لـ إبنه أن يكون من طلبة العلم و مرتادي الجامعات لا أن يسلك طريقه و يمر بنفس ما مر به. تمر الأيام و يتقاعد الأب و يتفاجأ برغبة إبنه التي كانت تأخذه لطريق أباه بمواصلة الذود عن أراضي وطننا الغالي ؛ كان الأب يُظهر لإبنه عدم تقبله بقراره هذا. ذهب الإبن و مرت الأيام و كُلُّف في مهمة كانت من أطهر ما يفعل إنسان في حياته ؛ كان قد اختير للذهاب لجنوب المملكة لخوض الحرب في سبيل أمان الحرمين الشريفين و عامة المسلمين في هذا البلد الأمين بإذن الله. بعد فترة ليست بالبعيدة يصادف أن يستشهد الإبن و ينال ما سعى إليه من عز و شرف و منزلة في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" ؛ و هاهنا وُضع خط اللاعودة بين الأب...