التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأنا طريق الضَلال..


الأنا طريق الضَلال..

همسة:
الأنا تجعلك وحيداً منبوذاً غير مستساغ و تائه تماماً مثل هذه الغيمة المسكينة.


واقع:
كثرة تكرار الأنا تجعل من الشخص فرعوناً لا يرى إلا ما يصنع حتى و إن لم يكنّ ذا قدرة ، الأنا تتجلى بها قذارة النفس و خُبث هواها و بها تضيع دفّة التوجيه ليصبح صاحبها نَكرةً و منبوذ من كل من يعرفه.
يستحق ذلك لأنه اختار أن ألّا يرى إلا نفسه.

فضفضة:
يكبر الإنسان في أعين من يجالس و يُصبح ذا قيمة عندما يتغلب على ذاته و يشارك غيره في ادّق تفاصيل الحياة.
و بالمقابل طبعاً يَصغر و يَتفه و يُسفه شأنه إن وقع حبيس نفسه و طغت عليه الأنا.
مرض الأنا أصبح داء العصر و درب ضَلال حينما سَلكه ثُلّة من الغافلين.
فالحقيقة أنه ليس عيباً أو نقصاً أن تعترف لغيرك بتفوقه و تقدمه عليك.
ليس من العقل أن تكون أنت بطل العرض و نجم التذاكر و محبوب العالمين لمجرد أن نفسك اوهمتك ذلك.
النفس تهوى الغرور و تحب دهاليزه و مستنقعاته و تعشق التكبّر و التجبر و الطغيان و هذا تالله لا يشبع رغبتها أبداً!
الأنا تجعل منك عالة و وبال و جرثومة تهتك و تعصف بمن حولك.
الأنا تقودك لـ جنون العظمة و تمجيد الذات.
الأنا درب التسويف و التقاعس و الإنتقاص من الجديد و المفيد.
الأنا هي من جعلت أخ يقتل أخاه و يحمل أثام كُل بني آدم من بعده.
الأنا تحلل لـ صاحبها ممتلكات و مستحقات غيره.
فالأنا ممهد للحسد و الحِقد و كره الغير و تمني زوال النعم.
الأنا تهيئ للنفس الدناءة و الخبث و تزين لها كل المساوئ و عليك تسمية ما شئت.
الآن لا تكن سوداوي لكن استجمع قِواك و تخيل لو أن عاماً ذهب سُدىً من عُمرك و الأنا هي من يقودك و يحركك؟
صِدقاً ؛ من عَرف الأنا حق المعرفة توخى الحذر و جهّز نفسه و استتر.
الأنا ليست بخفاء أنها عيب من عيوب جوف الإنسان و قد تظهر في كثير.
لكن الحقيقة الوحيدة التي يجب أن تضعها نُصب عينيك ؛ أنك لست بحاجه أن تكون شيئاً مميزاً كي تكون مقبول الوجود بين عوام الخلق.
يكفي أن تكون بشوشاً و تشارك غيرك يومك و تفاصيله البسيطة.
طُرفة ، جملة ، معلومة ، كلمة أو إبتسامة على الأقل.
و الأخيرة صدقة و عربون مودة.
ماذا يريد الناس منك غير الإبتسامة و حُسن المَعشر؟

خِتام:
النفس تتعفن بوجود الأنا و تُصبح لا تنصر الحق و لا تُزهق الباطل.
إن أحسن الناس إليك و جعلوك ما تريد أحسنت لهم و إن لم تَلقْ إهتماماً و وجاهه عدت عبوساً شاحباً نَكداً و أسأت لهم أيّ ما إساءة.
من باب النُصح ؛ لا تتبع خطوات الشيطان و لا تكن نفسك مغرورة بذاتها ، و اجعل ما تصنع درباً لتهذيب ذاتك و احفظ نفسك من نفسك و صنّ أدابها تسلم ما عِشت.
تقبل النُصح و اصفح و اعفْ و لا تمش في الأرض مرحا و تختال و أنت فخور كما أخبر الله -سبحانه و تعالى- على لسان لُقمان لإبنه.
و خالق الناس بما تريد أن ترى و تلطّف و اعطف و ارحم ، تُرحم و تسعد و يستساغ وجودك.
كن حكيماً ذا لُب ؛ سليم القلب ، سلس المَعشر ، بشوش الوجه و طيب النفس يعود عليك ذلك بما ترى ممن تعاشر و تجالس.
و لا تنسى أن تتقرب إلى ربك كي يكن لك معين و نصير و ظهير.
تذكر أن الأنا طريق الضلال.
[سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلّا أنت ، استغفرك و أتوب إليك.]



نايف العيسى
٢٠١٧/يوليو/٢٠

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لو أن لي كرّه!! 💔

لو أن لي كرّه!! 💔 واقع: تأكد أن الندم و الحسرة في هذه الحياة الفانية ستزور قلبك ملايين المرات و لأسباب مختلفة شئت أمْ أبيت. قِصة و موقف: تأثرت حقاً عند سماع حسرة أب كسير مُثقل بالدموع عن فقد إبنه الذي لم يخبره بما يُحسّ حقاً تِجاه ما يفعله. كيف ذلك؟ دعني أسرد لك تفاصيل هذا الموقف بإيجاز شديد. بينما كان يعمل الأب في السِلك العسكري رأي ما يُرى من كَبد و جَلد فتمنى لـ إبنه أن يكون من طلبة العلم و مرتادي الجامعات لا أن يسلك طريقه و يمر بنفس ما مر به. تمر الأيام و يتقاعد الأب و يتفاجأ برغبة إبنه التي كانت تأخذه لطريق أباه بمواصلة الذود عن أراضي وطننا الغالي ؛ كان الأب يُظهر لإبنه عدم تقبله بقراره هذا. ذهب الإبن و مرت الأيام و كُلُّف في مهمة كانت من أطهر ما يفعل إنسان في حياته ؛ كان قد اختير للذهاب لجنوب المملكة لخوض الحرب في سبيل أمان الحرمين الشريفين و عامة المسلمين في هذا البلد الأمين بإذن الله. بعد فترة ليست بالبعيدة يصادف أن يستشهد الإبن و ينال ما سعى إليه من عز و شرف و منزلة في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" ؛ و هاهنا وُضع خط اللاعودة بين الأب...