التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الخامسة و عشر دقايق حُباً!

الخامسة و عشر دقايق حُباً!

خاطرة:

الحُب أن تترقب حركة عقارب الساعة تتجه نحو الساعة و الدقيقة و الثانية التي اعتدت بها أن تبدأ حديثك مع شخص امتلك كُل قلبك و عقلك رُغم غياب حديثه الساعات و الدقائق و الثواني الأخرى.

نثر مشاعر:

الشعور الذي يجعل أيسر صدرك يتمتم بإسم شخص معيّن هو ما تعرّفه البشرية أجمع بـ "الحُب".
الشعور الذي يدفعك للسؤال عن تفاصيل يوم أحدهم والإهتمام به و بما يشعر به و معرفة ما يُسعده و ما يُكدر صفو باله هو بالتأكيد "الحُب".
و بإعتقادي اليوم لا يختلف إثنان على مفاهيم الحُب و مسلمّاته.
يحدث الآن أن عقلك اللاواعي استحضر شخصاً تضع له هذه المميزات دون بقية البشر الذين تعرفهم ، رغم أنهْ شخص مُستقل عنك فيزيائياً لكن روحياً و وجدانياً أنت تَعيش به و هو كالوطن لك.
هو إنسان لكنك تراه مَلاك و روحٌ طاهرة تشاركه كل لحظات حياتك.
هو الشخص الذي ما إن تتذكره تتبسم و ينشرح صدرك و تزيد نبضاتك و كأنها تناديه من صميم قَلبك ، اقترب أنا أشتاق إليك.
و من كل هذا الحُب له ؛ تتعجب كيف أن القليل منه يجعل كثير غيره هباء و عَدم ، و كيف أن عُيوبه التي يراها غيرك هي ميّزات بعينك.
يحدث أن تمل من كل شيء يمر في روتينك اليومي إلا حديثه و صوته و تواجده لأنه الوحيد القادر على فهمك و قرأتك و ربما إعادة كتابتك.
تستوحد به فتظهر في نفسك البهجة كما و كأنك امتلكت زِمام أمر الكون كُله.
و بالمقابل تهيم على وجهك و تشحب ملامحك إن غاب يوماً ؛ و الوقت هنا يُصبح عدوك.
لكن بمجرد عودته يكون كالمطر على أرضٍ جفاها المُزن ملايين السنين.
تلاحظ عودة عافيتك و سعادتك و وهجك التي لا يفسرّها إلا مجيئه.
حقاً ؛ إن ادمنته لم تُلام لأن الحُب إن زار داراً و استوطن قلباً جعل الله للمُحب به حياةً أخرى.
تُحب ما يُحب و تكره ما يكره من تلقاء نفسك و بدون تفكير مُسبق أو تخطيط.
تندمج معه شيئاً فشيئاً حتى تسرق منه بعض ما اعتاد فِعله.
هو منك و أنت منه و لكما في بعض كُل الكون بما اتسعت أركانه.
إن ضاقت به الدنيا يوماً وجد فيك الرحابة و الإتساع و إن تكدْرت بك أركانك كان لك بلسماً بارداً يخفف عنك وطأة كدرك.
في هذه المرحلة الحُب يُصبح بالنسبة لك مجرد كلمة يرددها عوام العالمين و تعجز أن تصْف ما تشعر به بداخلك.
لا تعلم متى ينتهي هذا الشعور و تتمنى أن تنال المنيّة قبل أن تعلم.
هذا الحُب و عُمقه يجعلك في حالة سُكر عُذريه ؛ السُكر التام حتى أنك لا تأبه لأي أمر أخر يحدث من حولك إن حينما تكون بين يدي من تُحب.
يُصبح هذا الشخص داء و دواء للمضغة التي تحملها أيسر جسدك.
و تتيقن حينها أنه يستحق منزلته التي أُنزل بها.

خِتام:

الحُب حقيقة هو أن تبذل الغالي و النفيّس ليهنأ من تُحب.
كأن تدعو في ظهر الغيب أو تتصدق أو تعتمر بنيّته ؛ و فعل هذا ليس مبالغة لكن نفسك تريد من الحب أن يكون أبدياً سرمدياً.
مع كل ذلك؛ لا تجعل منك ضحية لأي تجارب و ضع قلبك في كَف من يستحق ذلك ، لأن سِهام الحُب إن أصابت قلباً لم يرعك الإنتباه جعلت منك جُثة هامدة ؛ لذلك اختر من يختارك.
و لك أن تعلم إن تصْن تُصان عدلاً إلهياً يا من سلكت هذا الطريق ، فانظر في نفسك فقد لا يكون مناسباً أن تسلكه و هذا شأنك لوحدك.
الحُب ليس له حد أو طريقة أو مذهب أو مِلة ، يأتي و يغشاك و إن كنت لم تختر ذلك.
و بعد كُل ما مررت به هنا ، قد أكون أو لا أكون الشخص المناسب لوصف ما تشعر به.
كما قال لي صديقي ذات يوم أنا الآن انتظرها كُل يوم عند الخامسة و عشر دقايق حُباً!

[سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلّا أنت ، استغفرك و أتوب إليك.]

نايف العيسى
٢٠١٧/يونيو/١٧

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأنا طريق الضَلال..

الأنا طريق الضَلال .. همسة : الأنا تجعلك وحيداً منبوذاً غير مستساغ و تائه تماماً مثل هذه الغيمة المسكينة. واقع: كثرة تكرار الأنا تجعل   من الشخص فرعوناً لا يرى إلا ما يصنع حتى و إن لم يكنّ ذا قدرة ، الأنا تتجلى بها قذارة النفس و خُبث هواها و بها تضيع دفّة التوجيه ليصبح صاحبها نَكرةً و منبوذ من كل من يعرفه . يستحق ذلك لأنه اختار أن ألّا يرى إلا   نفسه . فضفضة : يكبر الإنسان في أعين من يجالس و يُصبح ذا قيمة عندما يتغلب على ذاته و يشارك غيره في ادّق تفاصيل الحياة . و بالمقابل طبعاً يَصغر و يَتفه و يُسفه شأنه إن وقع حبيس نفسه و طغت عليه الأنا . مرض الأنا أصبح داء العصر و درب ضَلال حينما سَلكه ثُلّة من الغافلين . فالحقيقة أنه ليس عيباً أو نقصاً أن تعترف لغيرك   بتفوقه   و تقدمه عليك . ليس من العقل أن تكون أنت بطل العرض و نجم التذاكر و محبوب العالمين لمجرد أن نفسك اوهمتك ذلك . النفس تهوى الغرور و تحب دهاليزه و مس...

لو أن لي كرّه!! 💔

لو أن لي كرّه!! 💔 واقع: تأكد أن الندم و الحسرة في هذه الحياة الفانية ستزور قلبك ملايين المرات و لأسباب مختلفة شئت أمْ أبيت. قِصة و موقف: تأثرت حقاً عند سماع حسرة أب كسير مُثقل بالدموع عن فقد إبنه الذي لم يخبره بما يُحسّ حقاً تِجاه ما يفعله. كيف ذلك؟ دعني أسرد لك تفاصيل هذا الموقف بإيجاز شديد. بينما كان يعمل الأب في السِلك العسكري رأي ما يُرى من كَبد و جَلد فتمنى لـ إبنه أن يكون من طلبة العلم و مرتادي الجامعات لا أن يسلك طريقه و يمر بنفس ما مر به. تمر الأيام و يتقاعد الأب و يتفاجأ برغبة إبنه التي كانت تأخذه لطريق أباه بمواصلة الذود عن أراضي وطننا الغالي ؛ كان الأب يُظهر لإبنه عدم تقبله بقراره هذا. ذهب الإبن و مرت الأيام و كُلُّف في مهمة كانت من أطهر ما يفعل إنسان في حياته ؛ كان قد اختير للذهاب لجنوب المملكة لخوض الحرب في سبيل أمان الحرمين الشريفين و عامة المسلمين في هذا البلد الأمين بإذن الله. بعد فترة ليست بالبعيدة يصادف أن يستشهد الإبن و ينال ما سعى إليه من عز و شرف و منزلة في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" ؛ و هاهنا وُضع خط اللاعودة بين الأب...