التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نافذة تغيير...

نافذة تغيير...

رؤى:

منذ بداية الكتابة في هذه المدوّنة و أنا - و أعوذ بالله من هذه الكلمة - أحاول قدر الإمكان أن اجعل من كل صورة بدايه لما يُكتب تحتها ؛ فالربط بين صورة و محتوى معين على ما اعتقد يساعد في تجسيد رؤى نفسي التوّاقة و الشغوفة في ذهن القارئ.
مثلاً ؛ مرورك بالعنوان و وصولك لهذا السطر قد لا يُقدم لك المعطيات الكافية لفهم ما سيُكتب لاحقاً ، لذلك اسمح أن أقوم بمداعبة أفكارك و جذب انتباهك بكل ما أوتيت من مقدرة كتابية.
لنبدأ مع مكون في الصورة ؛ تخيّل أن الطائرة هي حياتك المتواضعة التي تُصرّ على وضع نفسك فيها ، تخيّل أن روتينك اليومي هو ما ستفعله و تكرره طوال مدة مكوثك في هذه الطائرة.
كل اللحظات بحلُوها و مرّها ستكون في محيط ضيق لا يمكنك أن تتجدد فيه و تتغير ، تمعّن في حالك و فكّر في عدد الأشخاص الذين سوف تتشابك خيوطك قدرك معهم - بمعنى الأشخاص الذين سوف يكونون ذو تأثير مباشر أو غير مباشر على مسير يومك و حياتك ككل -.
تخيّل أن كل ما يلهيك و يسعدك في هذه الطائرة بات عابساً و مشوهاً و لم يعد يسرق انتباه عينيك و عقلك.
تخيّل مللك و عدم تقبلك لكل الأشخاص من حولك و عجزك عن تغيير شيء.
ألن تلفت للنافذة عندما تصل لهذه المرحلة من الشعور السلبي؟ قد تتسائل لماذا النافذة؟ فأرد: ألن تبحث عن شيء مميز يعيد لك نشاطك و سعادتك و ابتسامتك؟
بمجرد فتح هذه المساحة الصغيرة (النافذة) و جعل الشمس تشرق و تزور دهاليز حياتك ستكتشف أن الخارج أو ما تجهله قد يكون أجمل حقاً و بكثير من مما أنت فيه.
نعم! اعد النظر فيما تشاهد خلف تلك النافذة و ما قد يجعل من حياتك أفضل و لا تستسلم للصوت الذي يريدك وحيداً.
إن الانطوائية و الإنغلاق و الإكتفاء بأشياء محددة مكررة بالية تجعل من الإستمتاع في هذه الحياة المؤقتة مجرد كلمة عابرة لا معنى لها ؛ و لكي تصل إليها تجد أن نفسك تلاحق أي جديد يتسنى لها تجربته و من هناك تبدأ رحلة العبور لما وراء النافذة.

مُسَوِّغ للتغيير:

في رحلة المرور عبر النافذة و البحث لحياة أفضل ؛ الواقع يُخبر أن العبور لشيء مجهول كلياً يعتبر مغامرة غير محسوبة و ذو نتائج عكسية لكن إن كان العبور لشيء شبه معلوم فهو مسار لكثير استنفدوا فيه كُل ما يملكون في سبيل التغيير.
و هنا أجد أن أكثر السُبل شيوعاً في التغيير هو وجود عامل محفّز ينبع منك و يغذيك و يكبر فيك و به تبلغ ما تبلغ.
و أمثلة الخالق ـ سبحانه - من حولنا كثيرة ؛ فلا يمكن أن تجعل من الشَرر ناراً بدون محفزات الحريق الثلاث ، و لا يمكن للنبات النُضج بدون المحفزات الطبيعية.
يجب أن تجد نفسك مسوّغ لتتقبل التغيير و تتبع سبيله.

خُلاصة:

لا تكتفي بمقعدك الضيق في الطائرة و تتجاهل كل ما تُشاهده من خلال النافذة.
لا تجعل منك شخص آخر بإكتفاءك و انطوائك و إنغلاقك فالكل يحتاج في مرحلةٍ ما إلى نافذة تغيير...


[سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلّا أنت ، استغفرك و أتوب إليك.]

نايف العيسى
٢٠١٧/يونيو/١٥

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأنا طريق الضَلال..

الأنا طريق الضَلال .. همسة : الأنا تجعلك وحيداً منبوذاً غير مستساغ و تائه تماماً مثل هذه الغيمة المسكينة. واقع: كثرة تكرار الأنا تجعل   من الشخص فرعوناً لا يرى إلا ما يصنع حتى و إن لم يكنّ ذا قدرة ، الأنا تتجلى بها قذارة النفس و خُبث هواها و بها تضيع دفّة التوجيه ليصبح صاحبها نَكرةً و منبوذ من كل من يعرفه . يستحق ذلك لأنه اختار أن ألّا يرى إلا   نفسه . فضفضة : يكبر الإنسان في أعين من يجالس و يُصبح ذا قيمة عندما يتغلب على ذاته و يشارك غيره في ادّق تفاصيل الحياة . و بالمقابل طبعاً يَصغر و يَتفه و يُسفه شأنه إن وقع حبيس نفسه و طغت عليه الأنا . مرض الأنا أصبح داء العصر و درب ضَلال حينما سَلكه ثُلّة من الغافلين . فالحقيقة أنه ليس عيباً أو نقصاً أن تعترف لغيرك   بتفوقه   و تقدمه عليك . ليس من العقل أن تكون أنت بطل العرض و نجم التذاكر و محبوب العالمين لمجرد أن نفسك اوهمتك ذلك . النفس تهوى الغرور و تحب دهاليزه و مس...

لو أن لي كرّه!! 💔

لو أن لي كرّه!! 💔 واقع: تأكد أن الندم و الحسرة في هذه الحياة الفانية ستزور قلبك ملايين المرات و لأسباب مختلفة شئت أمْ أبيت. قِصة و موقف: تأثرت حقاً عند سماع حسرة أب كسير مُثقل بالدموع عن فقد إبنه الذي لم يخبره بما يُحسّ حقاً تِجاه ما يفعله. كيف ذلك؟ دعني أسرد لك تفاصيل هذا الموقف بإيجاز شديد. بينما كان يعمل الأب في السِلك العسكري رأي ما يُرى من كَبد و جَلد فتمنى لـ إبنه أن يكون من طلبة العلم و مرتادي الجامعات لا أن يسلك طريقه و يمر بنفس ما مر به. تمر الأيام و يتقاعد الأب و يتفاجأ برغبة إبنه التي كانت تأخذه لطريق أباه بمواصلة الذود عن أراضي وطننا الغالي ؛ كان الأب يُظهر لإبنه عدم تقبله بقراره هذا. ذهب الإبن و مرت الأيام و كُلُّف في مهمة كانت من أطهر ما يفعل إنسان في حياته ؛ كان قد اختير للذهاب لجنوب المملكة لخوض الحرب في سبيل أمان الحرمين الشريفين و عامة المسلمين في هذا البلد الأمين بإذن الله. بعد فترة ليست بالبعيدة يصادف أن يستشهد الإبن و ينال ما سعى إليه من عز و شرف و منزلة في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" ؛ و هاهنا وُضع خط اللاعودة بين الأب...